- المصدر: ترك برس
- 3528 قراءة
حكاية "سفن السمك" بإسطنبول.. منذ ظهورها الأول وحتى حظرها
أعلنت بلدية إسطنبول الكبرى، اعتزامها حظر عمل سفن بيع السمك التاريخية في ساحل منطقة "أمينونو"، والتي تعد من أبرز أيقونات المدينة.
ويعود تاريخ سندويش السمك المعروفة باسم "باليك إكميك" إلى الستينيات عندما بدأ الصيادون المحليون بشي شرائح السمك على مواقد صغيرة على متن قواربهم، وبيع شطائرها الطازجة والتكسب منها.
وبقيت تلك القوارب ترسو بالقرب من برج غلاطة لعشرات السنين، وقبل حوالي 12 عاماً، قررت بلدية المدينة نقل تلك القوارب إلى شواطئ "أمينونو".
وبالرغم من أن القوارب المزدحمة بطاولاتها وكراسيها الصغيرة، ليست مكاناً مهيئاً للجلوس لساعات طويلة، لكن الشطائر الطازجة نفسها أثبت شعبيةً وانتشاراً بين السكان المحليين والسياح على حد سواء. وسرعان ما أصبحت رمزاً لطعام الشارع في إسطنبول، وجزء لا يتجزأ من مشهد محبب يقترن بهوية المدينة وتاريخ منطقة "أمينونو".
ومؤخراً أصدرت مديرية العقارات في بلدية اسطنبول أمراً بإخلاء البائعين، ومنع القوارب من الرسو على شاطئ "أمينونو"، كما شمل أمر الإخلاء ثلاثة أكشاك تبيع الشطائر قبالة الساحل، وفقاً لتقرير أعدته صحيفة "ديلي صباح" التركية.
إلا أن الباعة لم يمتثلوا بحلول الأول من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وهو آخر مهلة معطاة لتنفيذ الأمر، وهم لا زالوا يحاولون استئناف القرار رغبة في كسب لقمة العيش من هذا العمل الذي ارتبط بثقافة المكان.
وفي حديثه إلى الصحفيين، حثّ "عارف حكمت إيلك" رئيس جمعية بائعي الأسماك، البلدية على إعادة النظر في الأمر.
وقال: "إن سندويش السمك والبائعين جزء من الثقافة المحلية. نطلب من المعنيين أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار عند اتخاذ مثل هذه القرارات. ونحن بصفتنا أصحاب قوارب الصيد، نبذل قصارى جهدنا لخدمة المواطنين والسياح بشكل جيد". مضيفاً أنهم لا زالوا يطلبون من البلدية توضيح "الخطوة التالية" لهذا القرار.
وقد أبدى السكان المحليون تعاطفاً كبيراً لصالح البائعين واعترضوا على القرار. وقال "علي يلماز" أحد المواطنين: "تلك القوارب بما تقدمه من السندويش هي أيقونة إسطنبول. إنها ترسو هنا منذ سنوات. وجودها جميل للسياح وإذا أدى الباعة عملهم بشكل جيد ودفعوا ضرائبهم، فيجب عليهم البقاء".
كذلك قال العديد من الأشخاص إنهم اعتادوا المجيئ من أجزاء مختلفة من تركيا، للاستمتاع بشطائر السمك الشهيرة. وقال "أوزجان قربولوت": "الناس يأتون إلى هنا من جميع أنحاء تركيا. إنهم يأكلون شطائر السمك ويستمتعون بجمال إسطنبول. إزالة القوارب ليست بالأمر الجيد".
لكن مصادر في البلدية قالت إن أمر الإخلاء جزء من مشروع جديد في شبه الجزيرة التاريخية الواقعة في "إيمينونو"، وأن قوارب الصيد تشوه منظر شبه الجزيرة التاريخية، وأضاف أنه لن يُسمح للمستأجرين الحاليين ولا لمستأجرين جدد بإشغال المكان مرة أخرى.
يذكر أن قوارب الصيد الثلاثة المتواجدة على الشاطئ، تدفع ما مجموعه 900.000 ليرة تركية بدل إيجارٍ للبلدية كل عام، وهي توظّف 150 عاملاً.
ولأول مرة بعد قرابة ربع قرن، انتقلت إدارة بلدية إسطنبول الكبرى، إلى حزب الشعب الجمهوري الذي فاز مرشحه أكرم إمام أوغلو، برئاستها في الانتخابات المحلية الأخيرة التي شهدتها البلاد في مارس/آذار الماضي، وتمت إعادتها في يونيو/حزيران الماضي، نظراً لوجود مخالفات قانونية فيها، بناء على قرار هيئة الانتخابات العليا في البلاد.
ومنذ تولّي أكرم إمام أوغلو الذي كان سابقاً، رئيساً لبلدية قضاء "بيليكدوزو" على الشق الأوروبي من إسطنبول، رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى، يتواصل الخلاف الذي يصل إلى توتر متصاعد بين الحين والآخر، بين إمام أوغلو وحزبه "الشعب الجمهوري" ذو الخلفية العلمانية اليسارية، وبين حزب العدالة والتنمية الحاكم ذو الخلفية اليمينية المحافظة.
وتتمحور مواضيع الخلاف بشكل عام بين الجانبين، حول خدمات بلدية إسطنبول الكبرى، قبل وبعد مجيء إمام أوغلو، وحول بعض المشاريع التي قررت الإدارة الجديدة للبلدية، إيقافها نهائياً أو تعليقها، لما قالت إنه لا داع لها، مثل خطط سكك مترو الأنفاق، ومشروع آخر لتكرير وتصفية المياه.